شبح انتفاضة 2009 يرعب قادة إيران
وكالات اليقينبينما تتسع رقعة الاحتجاجات على الغلاء والفساد في إيران، لم يستطع قادة النظام إخفاء خوفهم من شبح انتفاضة عام 2009، التي كانت قاب قوسين أو أدنى من إطاحة نظام الملالي بسبب اتهامات بتزوير الانتخابات.
ويواصل المتظاهرون الغاضبون بسبب غلاء الأسعار النزول إلى الشوارع منذ أيام في مدن مشهد وكرمانشاه وقم والأهواز وأصفهان وقوجان وساري وقائمشهر وقزوين ورشت وزاهدان، وهمدان وخرم آباد وسبزوار وبجنورد وطهران.
ورفع المتظاهرون شعارات من بينها "الموت للديكتاتور"، في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، و"الموت لحزب الله"، و"استحِ يا سيد علي وأترك الحكم" (علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الإيراني)، و"الموت لروحاني" في إشارة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وتحدى المحتجون التهديدات التي أطلقها مسؤولون إيرانيون اعتبروا التظاهرات "تجمعات غير قانونية".
وبخلاف ما حاولت الأوساط الرسمية إظهاره بأن التظاهرات لا تعدو كونها فئوية، لكن خروج مسؤولين كبار بتصريحات وتهديدات للمحتجين وصلت إلى حد اتهام ما وصفوه بأطراف خارجية، يظهر مدى الخوف الذي يدب في الطبقة السياسية الحاكمة من تحوله هذه التظاهرات إلى انتفاضة على غرار ما عرف بالثورة الخضراء عام 2009.
واعترف نائب الرئيس الإيراني، إسحق جهانغيري، بامتداد التظاهرات إلى العاصمة بقوله إن "متشددين معارضين للحكومة قد يكونون مسؤولين عن التظاهرات التي امتدت الجمعة إلى العاصمة طهران".
وبينما أصدرت قيادة الحرس الثوري بيانا بمناسبة ذكرى إخماد انتفاضة 2009 عبر عمليات قمع دموية، إلا أن الاحتجاجات الحالية ألقت بظلالها على البيان ليصبح منصة لتوزيع الاتهامات الداخلية والخارجية.
وقال البيان الذي نقلته الوكالة الرسمية إنه " في الظروف الخطيرة الحالية فإن الجبهة المتحدة الداخلية والخارجية المناوئة للثورة تحت القيادة الخفية والعلنية لمثلث أميركا – الكيان الصهيوني وبريطانيا المشؤوم وبمواكبة الرجعية في المنطقة له يتابع نهج تحريف الحقائق التاريخية وتجميل صورة أصحاب الفتنة والباغين ضد الجمهورية الإسلامية ويمارس عمليات نفسية واسعة لقلب الحقائق".
وعبر مستشار الرئيس الإيراني عن مخاوفه من التعامل الأمني مع التظاهرات، قائلا، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا)، إن على الشرطة التعامل بما وصفه بـ"رحابة صدر"، وهو اعتراف ضمني بأن القمع الأمني المعتاد قد يزيد من الغليان.
وحذر عضو الهیئة الرئاسیة بمجلس الشوري أكبر رنجبر زادة، من أن التظاهرات الاحتجاجية الحالية قد تحيي انتفاضة عام 2009.
وقال إن "الأحداث الأخیرة التي شهدتها بعض مناطق البلاد ستستغل من قبل المناهضين للنظام".
وكانت إيران قد شهدت أوسع احتجاجات في تاريخها منذ الثورة التي جاءت بالملالي عام 1979، عندما خرج مئات الآلاف من الإيرانيين في 13 يونيو 2009 في مختلف أنحاء البلاد ضد تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
وفي مواجهة ذلك، استعان النظام الإيراني بعشرات الآلاف من عناصر الباسيج وهي ميليشيات خاصة لقمع "الثورة الخضراء"، التي كادت أن تعصف بالنظام لولا القمع الأمني وحملة الاعتقالات التي طالت الآلاف.
وفي 30 ديسمبر من نفس العام، نظمت السلطات تظاهرات مؤيدة تحت رعايتها، خصصت لها عطلة رسمية وحافلات لنقل حشود سيقوا جبرا من أجل إظهار وجود تأييد شعبي للنظام، واعتبرته يوما للانتصار على ما وصفته بالفتنة.
لكن التظاهرات التي اندلعت في مدينة مشهد ثاني أكبر مدن إيران، وامتدت إلى مختلف أنحاء البلاد وصولا إلى العاصمة، تثبت أن نار الغضب الشعبي لا تزال متقدة تحت رماد الدعاية الحكومية.