التقارير

جامع الصالح ... بصمة في ذاكرة اليمنيين عجز الحوثيون على محو أسمه

اليقين

في العام 2008م أُسس "جامع الصالح" بالعاصمة صنعاء، ليكون أكبر جامع حديث في اليمن، بمساحة قدرها (222 ألفًا و500 متر مربع) من "ميدان السبعين" بقلب العاصمة الذي حولته إلى خراب، مليشيا الحوثي الإرهابية عقب نحو 7 سنوت من تأسيس الجامع المسمى نسبة إلى الرئيس السابق علي عبد الله صالح.


طابع يمني

ويعد "جامع الصالح" رمزيةً مهمةً في تأريخ البلاد ومرحلةً مزدهرةً من مراحل نظام الحكم للزعيم "صالح"، وبدأ بناؤه في ذات العام 2008، ليشمل إلى جانب مبنى الجامع كلية شرعية لعلوم القرآن والدراسات الإسلامية، بعدد ثلاثة طوابق تضم 25 فصلاً دراسيًا، إضافة إلى عديد قاعات صلاة، ومكتبات وقاعات اجتماعات، وكذلك مساحات خضراء واسعة.

وقضت توجيهات الرئيس الراحل صالح، حينها في بناء الجامع بوجوب المحافظة على الطابع العمراني اليمني، لاسيّما في المنارات، والواجهات الحجرية، فكان مبنى "الجامع الكبير" التاريخي بصنعاء، الملهم الأساسي للمهندسين في ذلك.

ويضم الجامع ممرات للمشاة ومواقف للسيارات وعدد من دورات مياه ومواضئ، ومعها تبلغ المساحة الإجمالية للجامع والمرافق التابعة له قرابة "224 ألفًا و831 مترًا مربعًا ".

ويصل ارتفاع مبنى الجامع إلى 24 مترًا، ويتكون من صالة الصلاة الرئيسة بمسطح 13,596 مترا مربعا ولها ارتفاعان، ويوجد لها نحو 10 أبواب رئيسة من الصوحين الشرقي والغربي ،وكذلك نحو 5 أبواب من الجهة الجنوبية تؤدي إلى الرواق الخلفي للجامع، وصحن الكلية الشرعية، ومنطقة المواضئ.

ويغطي المنطقة الوسطى لسقف الجامع نحو 5 قباب، 4 منها بقطر 15.60متر، وارتفاع 20.35م من سقف الجامع، والقبة الوسطية، وهي الأكبر وبقطر 40. 27 متر وارتفاع 39.60 متر من سقف الجامع.

كما أن هنالك 4 قباب صغيرة في الأركان الأربعة لسقف الجامع، بقطر 8.90 متر وارتفاع نحو 12.89 متر من السقف، بالإضافة إلى 6 مآذن، منها 4 مآذن على جانبي الجامع وبارتفاع 100 متر، ومأذنتان على جانبي الكلية الشرعية، بارتفاع 80 مترا.

مناراتٍ فريدة

يتميز الجامع بست مناراتٍ فريدة ذات تصميمٍ خاصٍ، ارتفاع أربع منها يبلغ 106 أمتار مع الهلال، واستخدمت فيها أساسات خاصة تصل إلى عمق 35 مترًا، وبقطر 70 سنتيمترًا لكل مئذنة، وهو ما يساعد بتقوية المبنى على مقاومة الزلازل.

محاكاة تاريخية

استخدم في بناء الجامع الأحجار التي اشتهر اليمنيون عبر التأريخ باستعمالها كمادة للبناء، بصفتها مصادر طبيعية تمتاز بقدرة فائقة على مقاومة العوامل البيئية، وبتناغمها مع الطبيعة المحيطة، فضلاً عن عمرها الافتراضي الكبير.

ومن أجل تحقيق ذلك الغرض تم أخذ عينات من أحجار سد مأرب التأريخي، وعرش بلقيس، للمقارنة بين أحجار الموقعين وأحجار المصدر المعتمد في بناء جامع الرئيس الصالح.

وبناءً على ذلك تم تحديد مواصفات المشروع بنحو أربعة أصناف من الأحجار، أحجار بازلتية باللون الأسود وأحجار جيرية بالألوان السوداء والبيضاء والحمراء، ومعها حددت المواصفات، والمقاسات لأحجار البناء، بحيث لا يقل طول الحجر عن (160) سنتيمترًا، ولا يقل ارتفاعه عن (80) سنتيمترًا.

وخلال بناء المشروع كان يتم عمل عينات معمارية بالشكل المطلوب وبعد موافقة الرئيس عليها يتم اعتمادها وتنفيذها.

زخرفة ونقوش

وفي أعمال الزخرفة والنقوش في الجامع، فقد اُستخدم الحجر الجيري الأبيض للواجهات الخارجية، فيما الحجر الأحمر استخدم في الأحزمة الزخرفية بالواجهات فقط لقلة كمياته ولصغر أحجام الأحجار المطلوبة، إضافة إلى اعتماد الجرانيت الأحمر المنقط بالأبيض بعمل تكسية الأعمدة الداخلية للجامع.

أما الياجور، الذي يمتاز بجمالية نادرة وبعمره الافتراضي الكبير، فتم اختياره كمادة بناء لتكسية واجهات المنارات، حفاظًا على التراث المعماري اليمني العريق.

ومن صميم التراث اليمني الزاخر بأعمال خشبية فنية، تم استمداد تصميمات الأعمال الخشبية للجامع، وتم اعتماد أفخر أنواع الأخشاب المعتمدة عالميًا لصناعة نحو (15) بابًا رئيسيًا، يزيد ارتفاع الواحد منها على (23) مترًا، مزخرفةً بالخط العربي، ومطعمةً بالنحاس المعالج بأحدث تقنيات الـ«PDV».

أما أعمال السقوف الخشبية للجميع فيفوق عددها (30) ألف قطعة زخرفية معتقة بالذهب الخالص، والألوان، تم تثبيتها بارتفاعات وصلت إلى (23) مترًا.


ولإكساء قباب الجامع من الخارج، فقد اُستخدمت مادة عصرية متطورة اسمها (الجي آر سي) وهي مادة تحاكي الجص اليمني لجهة الطواعية في أعمال الزخرفة، إضافة إلى ميزاتها العالية لجهة الديمومة والمحافظة على الشكل، وبذلك تحققت رؤية الرئيس صالح، متجسدةً بأبهى حللها في التوأمة بين التراث والتقنيات العلمية الحديثة.

وبالنسبة لنقش وكتابة الآيات فقد تم نقش 708 آيات من 62 سورة قرآنية، فيما بلغ عدد السور المكتملة في الجامع والكلية ثماني سور هي:(الفاتحة، يس، الرحمن، الإخلاص، القدر، العصر، الفلق، والناس).

مواقف واسعة

ويشمل جامع الصالح، على عديد مرافق وخدمات متكاملة، إضافة إلى المواقف الخاصة للسيارات والتي تتسع لحوالي 1900 سيارة.

مصلى للنساء

من الواضح - بحسب مهندسين معماريين - أن الفكرة المعمارية للجامع قد خلفت تكوينًا، وشكلاً هندسيًا رائعًا من الخارج، يتيح للناظر فهم عناصر المشروع من كل الجهات.

ويضم "جامع الصالح" إلى جانب باحة الصلاة الرئيسية، مصلى للنساء يقع أعلى الرواق الخلفي، ويتصل بالجامع عن طريق نوافذ مطلة على قاعة الصلاة، وذلك عبر عدد من المداخل الخاصة، تحقق الفصل بين الرجال والنساء.

49 ألف مصل

يتسع "جامع الصالح"، الذي بات أحد الرموز اليمنية المهمة، لأكثر من 49 ألف مصلٍ، منهم أكثر من 45 ألف مصلٍ في مصلى الرجال، ونحو 4 آلاف امرأة بالمصلى الخاص بالنساء.

حقد وفشل حوثي

وحقدًا منها على ما اكتسبه "جامع الصالح" من أهمية في حياة اليمنيين، إضافة إلى كونه يحمل دلالة، ورمزية تؤكد وتذكر اليمنيين بعهد الرئيس الصالح، أقدمت المليشيا منذُ سيطرتها على العاصمة صنعاء، في العام 2014م على ممارسة كل محاولاتها الممنهجة لطمس الدلالة الرمزية للجامع من حياة اليمنيين، وفي مقدمة ذلك محاولتها تغيير تسميته.


محاولة المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة إيرانيًا، في تغيير اسم "جامع الصالح" إلى "جامع الشعب" تقول عدد مصادر مطلعة، إنها باءت بالفشل، إذ أن تسميتها الجديدة لم تتمكن من تبديد التسمية الأصلية للجامع، التي بقيت حاضرةً في أذهان اليمنيين، الذين يرفضون المسمى الحوثي الجديد للجامع.


ومنذُ أواخر العام 2014م تعرض جامع الصالح لعديد من الهجمات والاعتداءات الحوثية، منها نهب مقتنيات، وأثاث خاص بالجامع علاوة على اتخاذ هذه المليشيا الإرهابية منه وكرا لنشر أفكارها الطائفية المستوردة من إيران، وبث خطابات زعيمها في باحته.

كما حولت المليشيا الحوثية المدعومة من إيران جامع الصالح إلى مقر لنشاطاتها الطائفية، حيث أكدت مصادر محلية متطابقة قيام المليشيا بعقد ما تسمى "دورات ثقافية" داخل الجامع لعناصرها الجدد.

التقارير