مروان الغفوري.. بين تمزيق المجالس واغتيال الكرامة


27 مارس 2025
محمد يحيى الفقيه
لم أقرأ إساءة لضيف مضيفه كما قرأت في مقال مروان الغفوري عن الدكتور عبدالله العليمي عضو مجلس القياده الرئاسي الإساءة لم تكن في مضمون ما كتبه فحسب بل في توقيت النشر وكأن مروان لم ينتظر أن يغادر مجلس العليمي حتى فتح نيران قلمه عليه وبدأ بتقزيم الرجل وتحقير كرم اللقاء وتشويه تفاصيل العزومة حتى وصل إلى توصيف ضمني بأنه الذي ذهب الى الرياض بنرجسيته وغرورة العفن .
أنا هنا لا ادافع عن مسؤولي الشرعية فمعظمنا تعب منهم ومن تناقضاتهم بل ننتقدهم ونحمّلهم مسؤولية ما وصلت إليه البلاد لكن لا يجب أن نخلط بين النقد المشروع والتنكيل المجاني ولا أن نخلع أقنعة الضيوف ونحاكم أصحاب البيوت في مجالسهم لأن المجالس كما قيل: “بالأمانات” وإذا فقدنا الأمان في المجالس فقدنا الثقة وإن فقدنا الثقة تقطّعت صلات التفاهم بين السياسي والمثقف والإعلامي وبين القائد والمواطن.
كنت من ضمن من زار الدكتور عبدالله العليمي وشهدت على كرم لا يُوصف ودماثة في الأخلاق لا تُجارى ورقي في التعامل قلّ نظيره رجلٌ يحتفي بك من لحظة دخولك إلى حين مغادرتك لا تشعر في حضرته أنك أمام مسؤول بل أمام أخ وصديق يسأل عنك عن أهلك عن حالك، يفتح لك قلبه ويبتسم لحديثك ويحرص على أن يودّعك بنفس الحفاوة التي استقبلك بها وبالرغم انها كانت المرة الاولى الاي ازورة فيها والتقي بة شخصياً
جلست مع الدكتور عبدالله في مكتبة في الرياض وشاهدت كيف يعامل الجميع باحترام وكيف يستمع لكل رأي دون مقاطعة ويشجع على النقاش ويحرص على أن يُشعِر ضيفه أنه محل تقدير لا مجرد رقم في دفتر زيارات مجلسه سمعت من بعض الزملاء أن مجلسة دوماً عامرًا بوجوه متعددة من كل الاتجاهات ولم يُقصِ أحدًا بل يجمعهم على مجلس واحد كأنما يحرص على أن يصنع من مجلسه بيتًا مصغرًا لليمن كله
ومع ذلك خرج علينا مروان ليصف هذا اللقاء بطريقة جارحة ومهينة صوّره وكأن الدكتور العليمي أقامه فقط لإغراءه بالحضور ووصف المكان بطريقة توحي للغريب وكأنه صالة حفلات مُريبة مع انة مكتب يمثل رجل محترم هل يعقل أن يُردّ الجميل بهذه الطريقة؟
هل يجوز أن نكافئ من يكرمنا بالإساءة والتشويه أمام العامة وعلى مرى ومسمع ؟
بل وصل به الأمر إلى نقل ما دار في المجالس الخاصة بما فيها أحاديث منسوبة للفريق صغير بن عزيز و اللواء هاشم الأحمر والتي قد تخلق توترات لا حاجة لها الآن وفي غنا عنها ونحن نواجة سرطان العصر الحديث مليشيات الحوثي الأرهابية ومن الذي أعطى مروان الحق في نشر تفاصيل لم تُقال له في مقابلة صحفية؟ هل نسي أن من دعاه وثق به؟ هل تناسى أن بعض الأحاديث لا تُنقل لأنها قيلت في لحظة صفاء وخصوصية؟
ثم هل يعلم مروان أن مجرد ذكر تناول القات في مجلس مسؤول يمني داخل السعودية، يُعد إدانة قانونية؟ هل يعلم وأنا متأكد أنة يعلم أنة بمجرد نشره لذلك المشهد مع تحديد الأسماء والمكان يكون قد أوقع نفسه ومن شاركه في خانة الإدانة لأن القات في السعودية يُصنّف كمادة مخدرة يعاقب عليها القانون وكان الأجدر به بدافع الحصافة على الأقل وأحتراماً لمن وجة لة الدعوة أن يتجنب تحويل لحظة عابرة إلى تهمة محتملة لا لشيء سوى لتغذية نرجسيته على الورق.
نعم بعض مسؤولي الشرعية ارتكبوا أخطاءً كبيرة ويستحق بعضهم المحاسبة لكن عندما يفتح لك أحدهم بيته او مكتبة او مجلسة ويمنحك من وقته ومن ثقتك ويعاملك باحترام ويكرمك كضيف فلا يجوز لك أن تخرج وتقول “أنا ما كنتش اشتي أجي لكنهم أغروني وألحّوا” وكأنك جئت مجبرًا ومغلوبًا على أمرك ثم تبدأ تسرد الأحاديث وكأنك كنت مُحققًا سريًا أو ضابط استخبارات.
مثل هذه التصرفات تُغلق الأبواب أمام الكتاب والناشطين والمثقفين والإعلاميين وتُفقد اللقاءات فائدتها لأن المسؤول سيخاف أن يقول أي شيء خشية أن يُنشر في اليوم التالي كما حصل مع مروان وربما نصل إلى اليوم الذي يُمنع فيه أصحاب الأقلام من دخول مجالس الناس خوفًا من أن تتحول المجالس إلى ساحات للتشهير.
رسالة مروان -كما يبدو- أرادت أن تقول: أنا مهم وأنا محور اللقاء وأنا من أجبر الدولة على نصب الخيمة وفتح المجلس وأنا من تداعت له القيادات لكنها في الواقع قالت: أنا خرقت أمانة المجالس وطعنت كرم المضيف وأسأت لمن استقبلني بحفاوة وضحيت بعلاقات الناس من أجل بضعة إعجابات على فيسبوك.
وحتى لا يُفهم كلامي أنه دفاع أعمى عن الدكتور عبدالله العليمي أقول: نعم نختلف معه في بعض مواقفه السياسية وهذة طبيعة الحياة وربما ننتقده لاحقًا كما نفعل مع غيره عندما يكون هناك شي ننتقدة علية لكني لن انسى كرمه وأخلاقه وحسن استقباله وسنظل نحتفظ بما دار بيننا في مجالسه ونحترم خصوصية اللحظة وحرمة المجلس وأدب الضيافة.
إن من أراد أن يكتب بصدق فليكتب دون أن يطعن مضيفه ودون أن يسحب البساط من تحت قدميه ودون أن يحوّل المجالس إلى ساحات للتشهير الأدب لا يقل عن الموقف والأمانة لا تقل عن الجرأة والكرامة لا يجب أن تُغتال باسم الكتابة.
تحياتي للجميع وكل عام وانتم بخير