الأخبار

صحيفة إسرائلية: الأسد اقترب من النصر.. وفشلنا في إسقاطه

اليقين

رغم الحرب السورية الدموية التي استمرت ست سنوات ولم تنته بعد، إلا أن نتيجة واحدة أصبحت واضحة بالفعل وهي أن الرئيس بشار الأسد يبدو وكأنه سيبقى رغم محاولات اسرائيل ودول عربية إسقاطه بالقوة.

لم يتبق في ساحة المعركة من هو مستعد وقادر على إسقاطه، فقد تراجعت قوات فصائل المعارضة وألغى الرئيس ترامب برنامج الاستخبارات المركزية الأمريكية الذي يزودهم بالأسلحة والدعم، كما يتم جر تنظيم الدولة من معاقله في سوريا.

وتعمل القوى الإقليمية والمسؤولون الأجانب والسوريون أنفسهم كما لو كان سيحكم لسنوات قادمة حتى لو كان بلدًا متقلصًا كثيرًا، وبدأ حلفاؤه يصيحون بما يرونه انتصارًا وشيكًا وتتحدث حكومته عن إعادة بناء دولة محطمة مستضيفةً معرض تجارى دولي الشهر الماضي كما وقعت اتفاق مع إيران لإعادة بناء شبكة الكهرباء.

وحتى بعض مؤيدي الثوار ضجروا من الحرب وبدأوا في تبني ما لا مفر منه.

تحسن في الحياة
ومنذ أن استعادت الحكومة السيطرة على بلدة مضايا الجبلية بعد حصار طويل، تحسنت الحياة هناك لأولئك الذين بقوا، حيث غادر القناصة وعادت الكهرباء وظهر الطعام في الأسواق وفتحت المقاهي وبدأ الناس في الخروج.

وقالت معلمة في البلدة عبر رسالة اشترطت فيها عدم الكشف عن هويتها كي لا تستهدف من قبل الحكومة لمعارضتها المسابقة "لقد سأمنا الحرب، نريد أن نعيش بسلام وأمان، ولا يمكننا أن نفعل ذلك ما لم نكن مع النظام".

لا تشير هذه التطورات إلى أن الأسد أمامه طريق سهل، فلا يزال منبوذًا في كثير من أنحاء العالم يترأس أرضًا منقسمة ولا حياة فيها، وحتى إذا انتصر في الحرب فمن المرجح أن تتبقى له دولة ضعيفة تمتلئ بالقوى الأجنبية وتفتقر إلى الموارد اللازمة لإعادة البناء.

ولكن يحمل صموده تداعيات خطيرة على البلاد وعلى الشرق الأوسط ما يؤثر على آفاق استقرار سوريا في المستقبل وعلى عودة اللاجئين إلى ديارهم وعلى الحكومة السورية للاستفادة من الأموال الدولية لإعادة بناء مدنها المدمرة.

ناهيك عن أنه عمل مشين، فبينما استمرت الاحتجاجات في أواخر احداث الربيع العربي التي اندلعت في 2011، ظل الأسد رغم ممارسته العنف الهائل ضد شعبه.

وقد اعترف الأسد بنفسه بحصيلة الحرب، لكنه قال أنه طهَّر الدولة من خلال القضاء على التهديدات التي تواجه الأمة وتوحيد السوريين حول مشروع مشترك.

وقال في مؤتمر عُقد في العاصمة السورية دمشق الشهر الماضي "لقد خسرنا أفضل شبابنا وبنيتنا التحتية، ما سيكلفنا الكثير من المال والكثير من الجهد سيستمر لأجيال، ولكنا فزنا في المقابل بمجتمع أكثر صحة وتجانسًا بالمعنى الحقيقي".

نجح الأسد وفشلت أمريكا
بدأ الصراع في سوريا في 2011 بانتفاضة شعبية ضد الأسد سعت ضدها قوات الأمن بقوة قمع هائلة، وحملت المعارضة السلاح ووافقت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وغيرها على قضية الثوار ودعمتهم سياسيًا ومنحتهم السلاح والمال.

والآن، نجح الأسد في تبديد تهديد الثوار، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الدعم المالي والعسكري الثابت من جانب داعميه الأجانب.

وتسيطر حكومته على أكبر مدن سوريا ومعظم سكانها الباقين الذين يعيشون بشكل عام في ظروف أفضل من تلك الموجودة في أماكن أخرى من البلاد، وقد وقف حلفاؤه - روسيا وإيران وحزب الله – بجانبه ودعموا جيشه المستنزف وساعدوه على التقدم.

بينما لم يتمكن الثوار، وهم مجموعة متباينة من الفصائل ذات الأيديولوجيات المختلفة، من تشكيل جبهة موحدة أو إقناع جميع السوريين بأنهم سيخلقون لهم مستقبل أفضل، وانضم المتطرفون المرتبطون بتنظيم القاعدة إلى صفوفهم وتقلصت أراضيهم حيث تخلى مؤيدوهم عن التركيز على قتال تنظيم الدولة.

يقول بسام الأحمد المدير التنفيذي لسوريين من أجل الحقيقة والعدل، وهو فريق لمراقبة حقوق الإنسان مقره تركيا، أن "النظام السوري الآن أبعد ما يكون عن الإطاحة به، وباتت قوى أقل تهتم بتحقيق هذا".

ولكن لا يزال جزء كبير من الأراضي السورية خارج سيطرته، حيث رسمت القوى الأجنبية مجالات نفوذها ما يقوض ادعاءه بحكم سوريا كلها.

وتحتفظ القوات التركية المتحالفة مع المسلحين المحليين بأراضي في الشمال، وتعمل الولايات المتحدة مع مقاتلين أكراد وعرب ضد تنظيم الدولة في الشرق.

وحتى في المناطق التي يقال إنها تقع تحت سيطرة الأسد، تمارس فيها روسيا وإيران وحزب الله والميليشيات المحلية التي تمكنها الحرب غالبًا سيطرة أكبر من الدولة السورية، وقد اتخذت روسيا زمام المبادرة في الدبلوماسية الدولية السورية وتفاوضت على المناطق الآمنة مع القوى الأجنبية في جميع أنحاء البلاد في محاولة لوقف العنف.

كانت حصيلة الحرب هائلة ويمكن أن تشكل عبئًا على الأسد وحلفائه على مدى عقود قادمة.

وقد ذكر تقرير صدر مؤخرًا عن البنك الدولي أن الناتج الاقتصادي المفقود في البلاد خلال السنوات الست الأولى من الحرب بلغ 226 مليار دولار أمريكي أي أربع أضعاف ناتجها المحلى الإجمالي في عام 2010 قبل بدء الصراع.

وبينما أصبحت صور المدن السورية المدمرة رمزًا شائعًا لحصيلة الحرب، فإن تكلفة العوامل غير المرئية مثل الثقة الاجتماعية والشبكات الاجتماعية المحطمة يمكن أن تتفوق على الأضرار المادية عدة مرات، كما قال هارون أوندر المعد الرئيسي للتقرير في مقابلة شخصية.

ويضيف أوندر قائلًا "مع استمرار الصراع، لا يتفاقم الدمار المادي وحسب، بل أيضًا تدهور النسيج الاجتماعي".

ويمكن للأسد أن يعيق عملية إعادة الإعمار فقط بمجرد بقاءه في السلطة.

ولا يزال يأمل المسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا في أن يترك الأسد منصبه باتفاق سياسي في نهاية المطاف، لكنهم تعهدوا بعدم مكافأته على وحشيته وانتهاكات حقوق الإنسان المتفشية إذا ما بقي وساعد في إعادة بناء البلاد.

يمكن للبلدان الأخرى التي تدعم الأسد أن تساعد في ذلك ولكن مواردها محدودة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن إيران وروسيا تخضعان لعقوبات دولية وأن اقتصادهما يتضرر بانخفاض أسعار النفط.

وخلال الشهر الماضي، نظمت الحكومة معرضًا تجاريًا دوليًا في دمشق للمرة الأولى منذ 2011 ورحبت بالشركات من إيران والعراق وروسيا وفنزويلا وأماكن أخرى، ومن بين الصفقات الجديدة الموقعة كانت صفقة لاستيراد 200 حافلة من بيلاروس وعقود لتصدير 50 ​​ألف طن من المنتجات.

على الجانب الآخر يمكن لاستمرار الأسد في السلطة أن يؤثر أيضًا على عودة اللاجئين وهي مسألة حاسمة بالنسبة للدول المجاورة.

فقد نزح نحو نصف سكان سوريا بسبب الحرب ولجأ أكثر من خمسة ملايين منهم إلى الخارج، حيث هرب الكثيرون من هجمات قوات الأسد وليست لديهم منازل للعودة إليها، ويقول آخرون إن الوضع ليس آمنًا إذ يخشون من الاعتقال أو التجنيد من قبل قوات الأمن الأسد.

وحاول بسام الملك وهو رجل أعمال وعضو سابق في مجموعة المعارضة الرئيسية بعد سنوات من العيش في المنفى، العودة إلى سوريا هذا العام لبيع بعض ممتلكاته من خلال وسيط، ولكن حذرته الحكومة من العودة وإلا سيعتقل.

وقال إنه عالق الآن بين "النظام والمعارضة".

أسقط بعض السوريين معارضتهم وفضلوا السلام مع الحكومة التي يبدو أنها تنتصر في الحرب.

قال فراس الخطيب في عام 2012، وهو لاعب كرة قدم كبير لحشد من المشجعين أنه لن يلعب لصالح المنتخب السوري "طالما تقصف المدفعية أي مكان في سوريا".

وعاد النجم الكروي الشهر الماضي إلى دمشق وحظي بترحيب البطل في المطار، وقال "نحن اليوم على أرض وطننا وفي خدمة وطننا".

هذا ولايزال الفريق الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا مع الأسد في طريقه للتأهل لكأس العالم 2018.

ويسعد مواطنون آخرون بدعم أي شخص يمكنه توفير الأمن والخدمات الأساسية، وتقول معلمة مضايا "نحن من يسيرون حيث تأخذنا الرياح، كنا مع الثورة خلال الحصار، ونعلق الآن صور بشار ونغني له ".

الأزمة السورية

الأخبار

آخر الأخبار