اللواء الركن فرج البحسني: قائد بحجم حضرموت وروح الوطن
اليقينخاص - اليقين
محمد يحيى الفقيه
عندما نتحدث عن القادة الذين أثروا في مسار التاريخ، فإننا نتحدث عن شخصيات تحمل رؤية تتجاوز حدود المنصب والمكان، وشخصية اللواء الركن فرج سالمين البحسني هي تجسيد لهذه الصفات. رجل صنع لنفسه مكانة في القلوب قبل المناصب، وترك بصمة لا تُمحى على الساحة اليمنية، لا سيما في حضرموت، تلك المحافظة التي أصبحت جزءًا من هويته، كما أصبح هو جزءًا من تاريخها الحديث.
البدايات: الطموح الذي لا يعرف حدودًا
وُلد البحسني عام 1955 في غيل باوزير بمحافظة حضرموت، ونشأ في بيئة شكلت فيه روح الانتماء للوطن والعمل من أجله. التحق بالقوات المسلحة عام 1971، وواصل مسيرته الأكاديمية في الاتحاد السوفيتي، ليحصل على درجة البكالوريوس في تخصص المدفعية والصواريخ عام 1975، ثم الماجستير في الدراسات العسكرية عام 1983.
هذا التكوين العلمي والعسكري منح البحسني قدرة فريدة على تحليل الواقع ووضع استراتيجيات مبتكرة، جعلته يرتقي في سلم القيادة بثقة وكفاءة.
تحرير حضرموت: المعركة التي صنعت القائد
عندما عادت حضرموت إلى الواجهة كواحدة من أكثر المناطق تحديًا بسبب سيطرة تنظيم القاعدة على المكلا في عام 2015، برز اسم البحسني كقائد عسكري استثنائي. في أبريل 2016، نجح في قيادة قوات المنطقة العسكرية الثانية لتحرير المكلا، بدعم من التحالف العربي.
لم يكن هذا التحرير مجرد انتصار عسكري؛ بل كان لحظة مفصلية أعادت الأمل لأبناء حضرموت، وأظهرت للعالم أن القادة الحقيقيين يظهرون في أصعب الظروف.
حضرموت في عهد البحسني: تنمية وأمان
بعد نجاحه العسكري، تولى البحسني منصب محافظ حضرموت، ليواصل مسيرة البناء والاستقرار. كانت أولوياته إعادة بناء البنية التحتية وتحسين الخدمات الأساسية التي عانت من الإهمال. كما حرص على تعزيز دور الشباب وتمكينهم، معتبرًا أن مستقبل حضرموت مرهون بطاقاتهم وإبداعهم.
كانت قيادته للمحافظة نموذجًا فريدًا في تحقيق التوازن بين الأمن والتنمية، حيث عمل على ضمان استقرار المنطقة، مع التركيز على تحسين حياة المواطنين.
الإنسان قبل القائد
ما يميز اللواء فرج البحسني ليس فقط قدرته على القيادة العسكرية والإدارية، بل إنسانيته التي لمسها كل من تعامل معه. رجل يُصغي بانتباه، يتحدث بحكمة، ويتعامل بتواضع. لم يكن يرى في المناصب أداة للسلطة، بل فرصة لخدمة الوطن.
هذا التواضع وهذه الإنسانية جعلت منه قائدًا قريبًا من الناس، قادرًا على بناء جسور الثقة معهم، في وقت تلاشت فيه الثقة بالكثير من القيادات الأخرى.
صوت وطني على مستوى اليمن
في أبريل 2022، تم تعيين البحسني عضوًا في مجلس القيادة الرئاسي، ليبدأ مرحلة جديدة من العمل الوطني. لم يكن تمثيله لحضرموت مجرد عنوان، بل كان واقعًا يعكس التزامه بقضايا المحافظة واليمن عمومًا.
كلمة ختامية
اللواء الركن فرج البحسني ليس مجرد قائد عسكري أو إداري، بل رمز للقيم القيادية النبيلة التي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى. حضرموت واليمن بأكملها مدينة لهذا الرجل بالكثير، وستظل إنجازاته شاهدة على حقبة مليئة بالتحديات، لكنها أيضًا مليئة بالأمل.
هذا القائد الذي يجمع بين الصرامة العسكرية والرحمة الإنسانية يثبت أن العظمة ليست في المنصب، بل في الأثر الذي يتركه الإنسان وراءه. وبالنسبة لفرج البحسني، هذا الأثر لن يُنسى أبدًا.