هاشم الأحمر… القائد الذي أسرني ببشاشته قبل بطولته
اليقين
محمد يحيى الفقيه
أحيانًا تقابل أشخاصًا يتركون في قلبك انطباعًا لا يُنسى منذ اللحظة الأولى، وهذا ما شعرت به عندما التقيت القائد هاشم الأحمر. كان لقاءً عاديًا في ظاهره، لكنه حمل في داخله شيئًا مختلفًا. دخلت عليه وكنت أجهز نفسي للقاء قائد عسكري صارم، ولكن ما وجدته أمامي كان عكس ذلك تمامًا.
رجلٌ شاب، مليء بالحيوية، يقابل الجميع بابتسامة واسعة وكأن الحياة لا تعرف طريقها إلى وجهه إلا بالفرح. كان كريمًا مع كل من حوله، لا تفرق عنده إن كنت جنديًا بسيطًا أو زائرًا مهمًا. في تلك اللحظات، أدركت أنني أمام شخصية استثنائية. تكلمت مع بعض الشخصيات التي زارته في ذلك اليوم، وكلهم أجمعوا على أن هاشم الأحمر لم يكن فقط قائدًا عسكريًا؛ كان رمزًا للإنسان الذي يستوعب الجميع ويحتويهم.
جلسنا نتحدث، وكان منصتًا بطريقة نادرة. ينظر إليك بعينيه المليئتين بالتركيز، مما يجعلك تتحدث بكل أريحية وكأن حديثك هو الأهم بالنسبة له. شعرت في تلك اللحظة أنني أمام قائد يحمل عبء الوطن بأكمله، لكنه لا ينسى أن يعطيك الوقت الذي تحتاجه لتشعر بقيمتك.
خلال حديثنا، تطرقت إلى كتاب قادم أعمل عليه، وذكرت له أنه سيكون أحد أبرز الشخصيات فيه. رد عليّ بابتسامة متواضعة وسألني عما إذا كنت قد ذكرت أسماء قادة آخرين وصفهم بأنهم أصحاب التضحيات الأكبر وأول من قاد المعارك ضد مليشيات الإرهاب. لم يكن حديثه عن نفسه، بل عن زملائه الذين يرى أن أدوارهم وتضحياتهم تستحق أن تتصدر الكتاب. تلك اللحظة جعلتني أزداد يقينًا أنني أمام قائد لا يبحث عن الأضواء لنفسه، بل يسلطها على الآخرين بكل كرم وشهامة.
أما في ساحات المعارك، فحديث من شاركوه المعارك كان كافيًا ليؤكد عظمته. يقود رجاله بشجاعة استثنائية، لا يكتفي بإصدار الأوامر من الخلف، بل يتقدم الصفوف بروح لا تخشى الموت. كنت أسمع الكثير عن دوره في تحرير صنعاء ووصول القوات إلى مشارفها، لكن سماع التفاصيل من رفاقه في الميدان جعل الصورة أكثر عمقًا. كان ملهمًا، يزرع في قلوب رجاله الأمل قبل الشجاعة، ويذكرهم دائمًا بأن الوطن يستحق كل التضحيات.
هاشم الأحمر ليس مجرد قائد يتحدث عنه التاريخ؛ هو قصة تُحكى لكل من يريد أن يفهم معنى القيادة الحقيقية. قيادة ليست في الأوامر، بل في الكرم، والبشاشة، والإصغاء، وفي الجرأة التي تقود المعارك وتلهم الأرواح.
ذلك اللقاء الأول معه علّمني أن البطولة ليست فقط في السلاح، بل في الإنسان. وهاشم الأحمر هو قائد يحمل في داخله الإنسان الذي نحتاجه في هذا الزمن؛ قائدٌ يعيد لك الأمل بأن في هذا العالم قلوبًا تنبض بالوطنية والنقاء.