خبراء: فرنسا تفشل في جر الجزائر إلى «تحالف الساحل»
وكالات اليقينعلى الرغم من العلاقات القوية بين الجزائر وفرنسا، والتي يصفها سياسيون من البلدين بالراسخة، فإن الأولى رفضت المشاركة في “المبادرة العسكرية لمكافحة الإرهاب” التي أطلقتها باريس في منطقة الساحل وضمت 5 دول لأسباب ظاهرة وخفية حسب خبراء.
وبحسب خبراء، لا يقتصر الرفض الجزائري على المانع الدستوري، وإنما مرده أسباب أخرى سياسية.
وفي يوليو/ تموز الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إنشاء قوة تدخل عسكرية لمكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي، تضم 5 دول بالمنطقة هي مالي والنيجر وموريتانيا وتشاد وبوركينافاسو، مستثنيا الجزائر رغم الحدود التي تربطها بالمنطقة.
ويؤشر ذلك وفق خبراء على أن الجزائر على خلاف مع باريس، في مسائل ضبط الأمن بدول الصحراء الكبرى الإفريقي والتي تضم مستعمرات فرنسية سابقة.
وفي السابع من الشهر الجاري، قال رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى، خلال مؤتمر صحفي مشترك، مع نظيره الفرنسي إدوارد فيليب، إن “الجزائر لديها مانع دستوري في الانضمام إلى هذه القوة العسكرية (المبادرة)، إذ أن الدستور يمنع قوات البلاد المسلحة من العمل خارج حدودها”.
لكن أويحي لم يغلق الباب أمام التعاون مع هذه الدول في مكافحة الإرهاب عبر الدعم اللوجيستي.
ولفت إلى أن بلاده أنفقت خلال السنوات الـ8 الماضية، 100 مليون دولار، لتدريب 12 قوة خاصة من موريتانيا حتى تشاد، إلى جانب منح هذه الدول عتادا عسكريا”.
وفي 13 ديسمبر/ كانون الأول الجاري خلال لقاء مع قادة دول المجموعة بباريس، أكد الرئيس الفرنسي أن “الدول التي ترغب في الانضمام للتحالف الجديد مرحب بها”، وذلك في رده على سؤال حول سبب غياب الجزائر.
وحسب خبراء تحدثت إليهم الأناضول، فإن قضية تحالف الساحل تعد أكبر ملف خلافي بين الجزائر وفرنسا منذ حرب ليبيا 2011، إذ دعمت فرنسا إسقاط نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، بينما وقفت الجزائر على الحياد.
ولخصوا مكمن الخلاف، في نظرة القيادة السياسية الجزائرية الاستراتيجية، لأوضاع المنطقة و”العقيدة القتالية للجيش الجزائري، التي تختلف مع طريقة تعاطي فرنسا مع التهديدات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء”.
ويعرب الخبير الأمني الجزائري، محمد تاواتي، عن اعتقاده بأن “قرار إنشاء القوة العسكرية هي مبادرة فرنسية لتعويض قواتها الموجودة شمالي مالي، وتتمكن من سحب القوات التي تقاتل هناك منذ 4 سنوات و10 أشهر”.
وأضاف تاواتي للأناضول: “لهذا لا ترى الجزائر أي ضرورة للمشاركة في قوة عسكرية”.
وتابع: “في رأيي لا ينبع الرفض الجزائري من العقيدة القتالية للجيش الوطني الشعبي فقط، بل بسبب اعتقاد القيادة السياسية بأن فكرة إنشاء قوة مشتركة لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، لن تكون ذات جدوى”.
واستدرك تاواتي: “يجب تذكُر أن الجزائر مرتبطة باتفاقيات عسكرية مع 3 من أصل الدول الخمسة المعنية بالمبادرة الأمنية الجديدة”.
وأوضح أنها وقعت في مدينة تمنراست جنوبي الجزائر معاهدة أمنية في يونيو/ حزيران 2010، لإنشاء “مبادرة دول الميدان لمكافحة الإرهاب ومواجهة الجريمة العابرة للحدود بين كل من الجزائر مالي موريتانيا والنيجر”.
وقال أيضا: “الجزائر كانت قادرة على اقتراح مثل هذه القوة في وقت مبكر، لكنها ركزت أكثر على مجال رفع القدرات القتالية لجيوش المنطقة حتى يصبح بمقدورها التعامل بشكل فعال مع الجماعات الإرهابية”.
واستطرد القول: “حرب ليبيا وانتشار تهريب السلاح أدى إلى تدهور الأوضاع في المنطقة ككل”.
ويرى الخبير الأمني الجزائري “أن الأوضاع الحالية في منطقة الساحل والصحراء، جاءت نتيجة مباشرة لحرب ليبيا التي أدت إلى انتشار واسع وهائل للسلاح في منطقة الصحراء الكبرى الإفريقية”.
من جهته، أكد الصحفي المالي، كيرلي ابراهيما، للأناضول، أن “الجزائريين الذين لهم دور محوري في المنطقة رفضوا المشاركة في المبادرة، نتيجة اعتقادهم أنها جاءت لإسقاط أو لإلغاء التحالف الأمني والعسكري الذي يربط الجزائر بدول مالي وموريتانيا والنيجر”.
ويرجع الخبير الجزائري، محمد الصغير، رفض الجزائر المشاركة في المبادرة الفرنسية إلى “وجود دول (لم يسمها) من خارج المنطقة ضمنها”.
ويضيف الصغير للأناضول: “كان بإمكان الجزائر المشاركة في المبادرة مع اشتراط عدم إرسال قوات قتالية إلى الخارج، والاكتفاء بالدعم اللوجيستي والدعم بالأسلحة والتدريب”.
واستطرد: “لكن وجود فرنسا ضمن المبادرة ومشاركتها العسكرية المباشرة، ووجود مستشارين عسكريين أمريكيين يجعل مشاركة قوات هذه الدول (الجزائر) مستحيلة”.
والصغير رأى أن “مشاركة الجيش الجزائري في عمليات يشارك فيها عسكريون من خارج المنطقة يعطي مبررا للإرهابيين بمواصلة القتال لطرد القوات الأجنبية الكافرة كما يصفونها”.
ويزيد القول: “هذا لن يكون بالضرورة في صالح حملة مكافحة الإرهاب”.