سلامات صديق العمر يحيى دويد
اليقيند. طه حسين الهمداني
من جميل الحياة ودروبها الواسعة ومن محاسن الأقدار وتشابكها وعِظم الهِبات أن تلازمك أرواحا محبة وشخوصا كريمة حازت صفات النبل في أمور تتجلى فيها أصالة المنبت ومحاسن الخلق والوفاء وسط حشود من المعتركات.
ولأن الحياة مليئة بالأحداث والأصدقاء والمشتركات التي تأتي تباعا من خلال المواقف والعلاقات الدافئة، لا يمكن إلا التعبير عما يجول في الخواطر وشغاف القلب وعما يكمن في الأفكار ويشغل الذهن.
هذه المرة أكتب عن صديق صاحب سيرة قَيمة وروح سامية هكذا أراه وهكذا أحسبه، ومن خلال عشرة عمر تكللت بصدق الكلمة ونقاء السريرة ودفء الحديث، عن اخوّة لا تَكَلف فيها ولا تَصنّع، مضى عليها سنوات دون أن تشيخ أو تفتر يوم واحداً.
يحيى صاحب الأدوار التي تميزت بالحكمة والنضال والصبر، كثير الملكات هادئ الطباع مشبع بهموم الوطن ومنعطفاته، أحد الذين يمتلكون رؤى ثاقبة وطموحات بناءة.
قد تكون شهادتي مجروحة في شخص يحيى الرجل الذي يحمل على عاتقه مسؤولية كبيرة وتطلعات بعيداً عن الضجيج، لذا كان لا بد من البوح ببعض المشاعر والحديث بشفافية عن صديق أكن له كل المحبة والتقدير وهو نوع من التعبير المتأخر الذي لا بد منه.
سيبقى يحيى في زحمة الحياة ومشاغلها، وتبعات الانقسامات الحادة ودوائر الصراع التي لا تنتهي والمشاغل والبعد والأحداث رفيق درب طيب الذكر والمعشر وصديق عمر وفي وأخ عزيز، لا يمكن للكلمات أن تفي حقه في هذا المقام.
يحيى واحد من القيادات الوازنة التي حضيت باحترام وتقدير كبيرين داخل أروقة المؤتمر الشعبي وخارجه، وهو عضو اللجنة العامة ورئيس دائرة الشباب والطلاب، يملك عقلًا راجحًا ورأيًا سديدًا، ما جعله موضع اعتزاز القيادة والكادر.
يحيى كان مفاوضا بارعا في أروقة الحوار الوطني لديه قدرة فذة على تفكيك الملفات الشائكة وإعادة تشكيل مشتركات وكسب صداقات وبناء ركائز لافعال وطنية ومجتمعية، شهد له كل من عمل بمعيته أو تحت رئاسته لما يتمتع به من قدرات تنظيمية هائلة وفكر خلّاق.
تلك ميزات اجتمعت فيه ونحن نفاخر بذلك ونعتز أيما اعتزاز، ونشيد بها من باب الاعتراف، مع دماثة خلق ورقي في التعامل، ولغة دبلوماسية لافتة تدرك تماما قيمة الكلمة وخبايا المعنى وهدف الحديث، وأهمية القدرة على الإقناع.
عرفت يحيى شخصا لا يهادن ولا يجامل في ميادين الحقيقة، رجل ذو مباديء ويعرف جيدا أن مصالح الوطن العليا ليست مجالا للمجاملات.
بقي على نفس المسار فيما يتعلق بالمؤتمر الشعبي ووحدته التنظيمية واحترام لوائحه وادبياته والميثاق الوطني يمثل نموذجًا نادرا في هذا الإطار وصورة مختلفة للقائد التنظيمي الملتزم.
تألق كثيرا وبرز في الأوساط السياسية عندما تم انتخابه في عضوية اللجنة العامة وكان مع عدد من زملائه يمثلون جيل الشباب التواق للتغيير والارتقاء بالعمل التنظيمي والسياسي للمؤتمر، لفت الأنظار إليه خلال مؤتمر الحوار وعرف عنه الرصانه والحصافة، لا يتحدث كثيرا غير أنه يمتلك رؤى تضعه في دائرة المعرفة والمنطق، ملتزم بالجوانب الدستورية والقانونية.
رغم انه خريج إدارة وسياسية إلا أن معلوماته وخلفيته القانونية رصينة، وقد تميز من خلال علاقاته الواسعة بين زملائه منذ كان طالبا في الجامعة وانتخابه في قيادة اتحاد طلاب اليمن، وعمله في اوساط الشباب بكفاءة عالية.
العزيز يحيى شخص يعشق القراءة والمطالعة وشديد الاهتمام لديه شغف في متابعة المستجدات وقابلية في التحليل السياسي وربط الأحداث والمتغيرات بما لا يفقدها قيمتها في الاستنتاج، يبهرك بمعلوماته عن كثير من القضايا والأحداث التاريخية، ملم بجغرافيا اليمن ومناطقها وتضاريسها ومنعرجاتها وتكويناتها البشرية والاجتماعية.
لا تغريه المظاهر البراقة ولا يعير الأضواء أي اهتمام، يعشق جوهر العمل وقيمة الانجاز، ويمثل دور الشباب الرائع، ينتمي لمدرسة الزعيم علي عبد الله صالح الذي ترك أثرًا طيبا في حياته ووجعًا وجرحًا غائرا برحيله شهيدا خالدا.
وهنا أجدها فرصة سانحة وأنا اسرد بعضا مما وجدته في صديق العمر لاعبر عن سعادتي التي لا حدود لها بنجاح العملية وخروجه من المستشفى بعد اجرائه عملية القسطرة، ألف سلامة أيها العزيز يحيى وأنت القريب من الجميع المسكون بحب الوطن المثقل بهمومه الشغوف بالحياة الصادقة.
التقدير والعرفان والامتنان هو من يدفعنا دوماً لانصاف الرجال الذين يتمتعون بخصال فريدة وأخلاق حميدة وسجايا ذات قيمة مليئة بالتواضع واحترام الآخرين بمختلف توجهاتهم ومشاربهم.