خواطر في ذكرى ١١ فبراير


بقلم : أحمد صالح العطعطي
في عام ٢٠١١م وصلت الأوضاع السياسية والاجتماعية في اليمن إلى انسداد تام و أصبح النظام السياسي بشقيه السلطة والمعارضة ينتج المشكلات أكثر مما ينتج الحلول، وكانت الظروف قد نضجت لحراك شعبي كبير فجّرت شرارته ما يسمى بثورات الربيع العربي وهي تسمية وافدة انتجتها الدوائر الغربية لتشجيع الحراك الثوري في المنطقة العربية بغرض الاستفادة منه في أحداث المزيد من الاختراق والتفكيك للبنى الاجتماعية والسياسية الهشة والتي كانت تقاريرها تتحدث وتبشر بقرب حلول وصولها لمرحلة الفشل التام بغرض دفع الأمور اكثر نحو الحراك الثوري.
الشيئ المهم الذي لم يتطرق له الكثير هو ان من قاموا بالربيع العربي لم يكونوا يمتلكوا من مشاريع التغيير البديلة الا ما حدثتهم به المنظمات الغربية وهي مبادئ عامة فضفاضة تتعلق بالتحول الديموقراطي والتداول السلمي للسلطة وبناء الدولة المدنية وهو توصيف في منتهى الغموض، ومن عجائب الأمور ومفارقاتها المدهشة ان القوى الرئيسة المنظمة التي شاركت في الربيع العربي خصوصا اليمن لا تؤمن نفسها بما تطالب به ولا تمارس الديمقراطية مطلقا في هياكلها واطرها الحزبية، ولم ترضى قياداتها العلياء ان تتخلى عن مواقعها في هرمها الحزبي فكيف يتوقع منها ان تمارسها في الدولة وتقدمها لجماهير الشعب وتثق فيها في حين حرمت جماهير احزابها منها ولم تثق فيهم وهي لا تختلف في هذا عن الحزب الحاكم نفسه. فكيف يمكن للقيادات التي ترفض التداول في مواقعها الحزبية التي مكاسبها محدودة ان تسمح بالتداول في مواقع السلطة التي مكاسبها كبيرة وكثيرة، وكيف يمكن أن تمارس في السلطة ما عجزت وعقمت ان تمارسه داخل احزابها..
في اليمن لم يكن الوضع يستدعي وجود ثورة ، فقد كنا بحاجة إلى إصلاح للنظام السياسي والبناء على المنجزات التي تحققت في اطاره ومواجهة التحديات المحدقة بالنظام والدولة وتجديد النظام وتحديثه حتى يتمكن من إنتاج الحلول، والنجاح في مواجهة المشكلات الوجوديه التي تواجه الدولة برمتها وليس النظام السياسي فقط..
ما حصل من وجهة نظري ان الجميع لم يكن مستعدا للتفكير الموضوعي فقد وقعت السلطة في مستنقع الكبر والعناد ، ووقع بعض المعارضة كالاصلاح في دائرة العمى السياسي بينما البقية كانوا مدفوعين برغبة جامحة في الانتقام والحقد وتصفية الحسابات مع الجميع وكانت مصلحة الوطن ومستقبله والمخاطر المحدقة به واخراجه إلى بر الأمان قد خرجت للأسف من حسابات الجميع.
وبعد كل ما حصل بسبب ذلك كله نأمل أن يعود الجميع إلى الرشد ويستفيدوا من تجارب الماضي ويتوبوا إلى الله ويعلموا ان الجميع يتحمل وزر ما حصل وان كان بنسب مختلفة ومتفاوته ويدركوا ان لا عاصم لهم إلا بالعمل الصالح الذي يأتي في مقدمته استعادة الدولة التي يستظل بظلها الجميع، والوطن الذي يتسع للجميع وبناء نظام سياسي قادر على بناء الوطن وإنتاج الحلول والتغلب على المشكلات بدلا من إنتاجها.